‫#‏جنون_شهرزاد‬ ‫#‏الليلة_الثانية‬ Last night بقلم / منال عبد الحميد

أما "شهرزاد" فكانت منذ عشرة أيام ؛ أو عشرة ليالي ؛ قد بدأت في حكاية " ملك دنيا "، الذي حاذ مُلك عشرة بلاد ، وأمتلك ثلاثة جبال من الذهب وجبلين فضة، ومائة ألف ألف" دن" من زيت الزيتون ، وكان له قصر مقام على ألف فدان ؛ له عشرة قباب من الذهب الخالص ؛ ترمز كل واحدة منها لبلد من التي يحكمها ؛ وعشرين باب من الفضة الخالصة ، وألف باب من خشب الأبنوس،وكان مطبخ قصره يستهلك في اليوم الواحد ألفي رأس من الماعز والغنم ، وألف رأس من الثيران والأبقار وخمسة آلاف دجاجة وإوزة ، وثلاثة آلاف من اليحامير، وعشرة أحمال من التوابل الهندية الفاخرة!
وكان ل"ملك دنيا " ستة آلاف حظية وعشرين ألف جارية، ومائتي زوجة من بنات الملوك .. وسبعين أبنا ذكراً ومائة ابنة أنثى !،
وفجأة قرر " ملك دنيا" أن يقيم حفلاً لزفاف أبنته الكبرى " مرمورين"، وأعلن أنه يريد أن يكون أعظم حفل في التاريخ ، وأرسل يستدعى المغنيين والراقصات من جميع الممالك ، وأنفذ المنادين يعلنون عن الولائم الحاشدة التي ستستمر أربعين يوماً قبل الزفاف ، وأربعين أخرى بعده!
وفي صباح اليوم التالي مُدت الأسمطة في الشوارع ،وجيء بالصحاف الضخمة من القصر ؛ مكدسة باللحوم والأطعمة المتبلة ؛ واقبل الرعايا على الطعام ،وظل بعضهم يأكل حتى أوجعته معدته، وبعضهم الآخر أصيبوا بانتفاخ شديد وقضوا بقية اليوم يتلوون من الألم!
واستمرت الولائم تسعة وثلاثين ليلة ، وفي الليلة الأربعين أقيم حفل الزفاف ، وزاغت عيون الناس من هول ما رأوا ، ووسط الغناء والرقص واستعراضات الأفيال والثيران ،قام رجل نحيل كث اللحية ودخل بهدوء إلى قاعة العرش؛ التي حُفرت في زمردة واحدة مطوقة بعروق من الذهب الخالص، ثم جال ببصره وسط الراقصات والمغنيين حتى وقع على " ملك دنيا " ، وقد جلس على عرشه الذي يزن مائة قنطار من الذهب وتعلوه بيضة رخ !
وتوجه الرجل الغريب بهدوء نحو مجلس" ملك دنيا " حتى منعه الحراس من التقدم أكثر من ذلك ،وصاح الغريب صيحة واحدة فخرست الموسيقى الصادحة ، وكف نقر الطبول وسكتت المزاهر ، وانعقدت الألسن وشحبت الوجوه، وتوجهت الأبصار بقوة جاذبية لا تُقاوم نحو الرجل الغريب وتعلقت به..
قال الرجل الغريب:
" يا "ملك دنيا".. يا ملك الأرضين، وحاكم المشرقين والمغربين .. أَعدل!"
" ويحك ! ".
صاح " ملك دنيا" وهب واقفاً وقد اكتسي وجهه بحمرة قانية، وغلى صدره بغضب شديد:
" ويحك يا هذا .. من تكون ؟!"
" يا " ملك دنيا " كيف تسأل الغريب عن أسمه ، وأنت لا تعرف نفسك ولا تعرف أسمك الحقيقي ؟! "
" تباً لك ! وهل في الدنيا من يجهل أسم " ملك دنيا " يا معتوه!"
" أنا لست ملك الدنيا، أنت عبد مارق ! "

" عبد ؟! "
" أنا رسول الإله إليك، أرجع يا " ملك دنيا ".. وخفف عنك حملك ! "
وهنا وصل غضب " ملك دنيا " إلي قمته فصاح؛ وقد تخضب وجهه بحمرة شديدة:
" أقبضوا على هذا المخبول ! "
وعندئذ حدث ما أثار الذعر في القصر الفسيح، فما إن صدع الحراس بأوامر " ملك الدنيا " واقبلوا على الرجل الغريب ليقبضوا عليه ، حتى تلاشي في الهواء، وكأنه خيط دخان !
ودب الذعر في النفوس، وكان أكثر الجميع فزعاً وذعراً هو " ملك دنيا " نفسه ، الذي مرت عليه هذه الليلة كأسوأ ما تكون الليالي !
وفي الصباح أمر " ملك دنيا " جميع الجند والحرس والخدم بأن يقلبوا الممالك بحثاً عن رجل صفاته كيت وكيت، وأدلي لهم بأوصاف بالغة الدقة للرجل الذي كدر صفوه في ليلة زفاف أبنته، ولا عجب في ذلك، فقد حُفرت صورة الرجل الغريب في ذهن " ملك دنيا ".. ولم تعد تفارقه، لحظة واحدة !
انتظرونا يوميا في العاشرة مساء
بقلم / منال عبد الحميد 
‫#‏جنون_شهرزاد‬ ‫#‏الليلة_الثانية‬   Last night بقلم / منال عبد الحميد 



عنوان الموضوع: "‫#‏جنون_شهرزاد‬ ‫#‏الليلة_الثانية‬ Last night بقلم / منال عبد الحميد "

إرسال تعليق

الاعضاء