الحلقة الثالثة عشر
وصلنا إلي منزلنا سريعا. صعدنا الي شقتنا ، وضع أبي صافي في الفراش و ذهبنا لنتوضأ و نبدل ثيابنا لنلحق بصلاة العشاء و التراويح بالمسجد. في أثناء ذهابنا مع أبي أمرنا أن نلتزم بالهدوء و أن تعبنا أن نجلس في أماكنا و لا نصدر صوتا حتي لا نشتت المصلين. وصلنا الي المسجد و وقفنا علي جانبي أبي، حاول أحد المصلين طردنا و قال بغلظة :" ابتعدا و صليا بالخلف هنا للكبار فقط "
ثم أمسك بيدينا محاولا جرنا الي الخلف. شعرنا بالخوف منه و نظرنا الي أبي، الذي أمسك بيدي الرجل و قال له بحزم :" أترك الصبيين. أنهما مميزين، لا يحق لك طردهما من الصف لقد حضرا قبلك، قف في المكان الذي وصلت له و لا تخرب علي الولدين حبهم في الصلاة بالمسجد. هيا "
تركنا الرجل و هو غاضب ينظر لنا شذرا و رحل. ضمنا أبي إليه و قال لنا :" لا تخافا، من حقكما الوقوف هنا "
سأله أكرم :" ما معني مميز هذه يا أبي؟"
رد أبي بهدوء و ابتسم لنا :" الصبي المميز هو من سبع لعشر سنوات و في عهد النبي و الصحابة كان يأم بالسيدات الصلاة لحفظه القرآن و معرفته بأمور الدين "
أمرنا اﻷمام بأستواء الصفوف ثم بدئنا الصلاة. كان صوت اﻷمام جميل و لكن السور التي يقرأ بها لم نكن نعرفها. أنتهينا من صلاة العشاء و أخذنا أستراحة قصيرة اخذنا نسبح فيها. غير أن أكرم كان منشغلا بمشاهدة الرجل الغليظ الذي حاول طردنا و هو يذهب ﻷخر المسجد و يحدث رجل شكله مخيف . أنتبه أبي ﻷكرم و لي عندما تبعت أكرم في المشاهدة.كنا خائفين ، هدئنا أبي و قال لنا :" لا تشغلا بالكما هيا الي التسابيح . هيا معي سبحان الله. الحمد لله. لا أله الا الله. الله أكبر. لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم "
أخذنا نردد خلف أبي حتي نادى اﻷمام لصلاة التراويح. كان يصلي بنا ركعتين ركعتين و لكن الركعة طويلة شعرت أنا و أكرم بألم في أرجلنا و لكننا أكملنا فنحن رجال و لن نسمح لذلك الرجل أن يشمت بنا. أنتهي اﻷمام من اﻷربعة ركعات و أعطانا استراحة ليعطينا درسا سريعا بدأ كلامه :" السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. و الصلاة و السلام علي خاتم اﻷنبياء و المرسلين سيدنا محمد -صل الله عليه و سلم- درسنا اليوم عن أشياء يباح للصائم فعلها و هي :
1) الاكتحال، حتى ولو وجد طعم الكحل في حلقه؛ لأن العين لا تعتبر منفذًا شرعًا على المختار للفتوى.
2) التقطير في العين، حتى ولو وصل إلى الحلق على المختار للفتوى.
3) الادِّهان بالزيوت والمستحضرات الطبية المختلفة، حتى ولو وصل إلى جوفه بتسَرُّب المدهون من خلال مسام الجلد والبشرة.
4) استعمال السواك قَبْلَ الزوال (أي: الظهر).
5) الاغتسال؛ لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «كان يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ».
6) الحقن عن طريق الجلد سواء كان في العضل أو في الوريد، بخلاف الحقنة الشرجية فإنها مُفَطِّرَة، وعند المالكية أنها مكروهة فقط فلا يجب القضاء عندهم بالحقنة الشرجيَّة.
7) النَّوم ولو استغرق جميع النهار، بشرط أن لا يتعمد تضييع الصلوات فإن ذلك حرام.
8) بَلْع ما لا يمكن التحرز عنه كالريق، وغبار الطريق، كما يُباح شَم الروائح الطيبة.
هيا إلي الصلاة"
لم أستطع أنا و أكرم أن نصلي فقد أصبحت أرجلنا لا تحتملنا، فعدنا و أبي للصف اﻷخير و أمرنا أبي أن نجلس بجانب العمود في أخر الصف لنكن قريبين منه ، و أشار لنا بأن نصمت.
غلبني النعاس علي رجل أكرم الذي أخذ يمسح علي شعري كما تفعل أمي معنا. فبادلته اﻷبتسام ثم نمت. ما هي الا دقائق حتي ضرب برأسي اﻷرض و أخذ مني أكرم ، فتحت عيني و الدماء تملأها فإذا بالرجل المخيف يخطف أكرم و الذي كان لا يتحرك كأنه لا يشعر بشئ. صرخت علي أبي بأن الرجل المخيف يخطف أكرم. خرج أبي من الصلاة و معه العديد من المصليين بينهم جارنا الدكتور إبراهيم . جري أبي ليري ما بي ، فاخبرته بشأن الرجل المخيف. حاول أبي مسح الدم و هو يحملني للحاق بالخاطف. غير أن جارنا طلب منه أن يتركني له ليسعفني و ليلحق أبي بالخاطف. كان جارنا طبيب أطفال و هو الطبيب المعالج لي و ﻷخوتي و لذلك نناديه بعمي. مسح عني الدم بمنديله ثم أخذني للصيدلية ليطهر جرحي و يضمده.في أثناء ذلك عاد أبي و هو يحمل أكرم الذي لا يصدر عنه صوتا و ناوله لعم إبراهيم. في حين كان المصليين يحملون الخاطف ككومة من الملابس المتسخة بالدم لا يستطيع الحراك، و أتصل الصيدلي بالشرطة. كنا جميعا نشعر بالفزع علي أكرم غير أن عم إبراهيم أخبرنا بأنه مخدر فقط، ثم اعطاه حقنة جعلته يفيق. حمله أبي بين ذراعيه و هو يقبله و يحمد الله علي أنه بخير، ثم حملني معه و أخذ يقبلني و يحمد الله أني بخير. و أنا و أكرم نمسك ببعضنا بقوة. أتت الشرطة التي أستمعت ﻷبي و لي و للشهود و ألقوا القبض علي الرجل المخيف و الرجل الغليظ. حملنا أبي لنعود إلي المنزل. حاول جارنا عم إبراهيم أن يحمل أحدنا غير أن أبي لم يرضي. و قال له :" لا أتحمل فراقهما ثانية. أنهما بأمان بين ذراعي"
أقتربنا من المنزل فوجدنا أمي تنتظرنا بقلق في الشرفة . ما أن رأتنا حتي جرت لتفتح الباب.
أنتظروني غدا بعد أن نطمئن أمي علينا لنقص لكم ما حدث.
#صفاء_حسين_العجماوي
وصلنا إلي منزلنا سريعا. صعدنا الي شقتنا ، وضع أبي صافي في الفراش و ذهبنا لنتوضأ و نبدل ثيابنا لنلحق بصلاة العشاء و التراويح بالمسجد. في أثناء ذهابنا مع أبي أمرنا أن نلتزم بالهدوء و أن تعبنا أن نجلس في أماكنا و لا نصدر صوتا حتي لا نشتت المصلين. وصلنا الي المسجد و وقفنا علي جانبي أبي، حاول أحد المصلين طردنا و قال بغلظة :" ابتعدا و صليا بالخلف هنا للكبار فقط "
ثم أمسك بيدينا محاولا جرنا الي الخلف. شعرنا بالخوف منه و نظرنا الي أبي، الذي أمسك بيدي الرجل و قال له بحزم :" أترك الصبيين. أنهما مميزين، لا يحق لك طردهما من الصف لقد حضرا قبلك، قف في المكان الذي وصلت له و لا تخرب علي الولدين حبهم في الصلاة بالمسجد. هيا "
تركنا الرجل و هو غاضب ينظر لنا شذرا و رحل. ضمنا أبي إليه و قال لنا :" لا تخافا، من حقكما الوقوف هنا "
سأله أكرم :" ما معني مميز هذه يا أبي؟"
رد أبي بهدوء و ابتسم لنا :" الصبي المميز هو من سبع لعشر سنوات و في عهد النبي و الصحابة كان يأم بالسيدات الصلاة لحفظه القرآن و معرفته بأمور الدين "
أمرنا اﻷمام بأستواء الصفوف ثم بدئنا الصلاة. كان صوت اﻷمام جميل و لكن السور التي يقرأ بها لم نكن نعرفها. أنتهينا من صلاة العشاء و أخذنا أستراحة قصيرة اخذنا نسبح فيها. غير أن أكرم كان منشغلا بمشاهدة الرجل الغليظ الذي حاول طردنا و هو يذهب ﻷخر المسجد و يحدث رجل شكله مخيف . أنتبه أبي ﻷكرم و لي عندما تبعت أكرم في المشاهدة.كنا خائفين ، هدئنا أبي و قال لنا :" لا تشغلا بالكما هيا الي التسابيح . هيا معي سبحان الله. الحمد لله. لا أله الا الله. الله أكبر. لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم "
أخذنا نردد خلف أبي حتي نادى اﻷمام لصلاة التراويح. كان يصلي بنا ركعتين ركعتين و لكن الركعة طويلة شعرت أنا و أكرم بألم في أرجلنا و لكننا أكملنا فنحن رجال و لن نسمح لذلك الرجل أن يشمت بنا. أنتهي اﻷمام من اﻷربعة ركعات و أعطانا استراحة ليعطينا درسا سريعا بدأ كلامه :" السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. و الصلاة و السلام علي خاتم اﻷنبياء و المرسلين سيدنا محمد -صل الله عليه و سلم- درسنا اليوم عن أشياء يباح للصائم فعلها و هي :
1) الاكتحال، حتى ولو وجد طعم الكحل في حلقه؛ لأن العين لا تعتبر منفذًا شرعًا على المختار للفتوى.
2) التقطير في العين، حتى ولو وصل إلى الحلق على المختار للفتوى.
3) الادِّهان بالزيوت والمستحضرات الطبية المختلفة، حتى ولو وصل إلى جوفه بتسَرُّب المدهون من خلال مسام الجلد والبشرة.
4) استعمال السواك قَبْلَ الزوال (أي: الظهر).
5) الاغتسال؛ لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «كان يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ».
6) الحقن عن طريق الجلد سواء كان في العضل أو في الوريد، بخلاف الحقنة الشرجية فإنها مُفَطِّرَة، وعند المالكية أنها مكروهة فقط فلا يجب القضاء عندهم بالحقنة الشرجيَّة.
7) النَّوم ولو استغرق جميع النهار، بشرط أن لا يتعمد تضييع الصلوات فإن ذلك حرام.
8) بَلْع ما لا يمكن التحرز عنه كالريق، وغبار الطريق، كما يُباح شَم الروائح الطيبة.
هيا إلي الصلاة"
لم أستطع أنا و أكرم أن نصلي فقد أصبحت أرجلنا لا تحتملنا، فعدنا و أبي للصف اﻷخير و أمرنا أبي أن نجلس بجانب العمود في أخر الصف لنكن قريبين منه ، و أشار لنا بأن نصمت.
غلبني النعاس علي رجل أكرم الذي أخذ يمسح علي شعري كما تفعل أمي معنا. فبادلته اﻷبتسام ثم نمت. ما هي الا دقائق حتي ضرب برأسي اﻷرض و أخذ مني أكرم ، فتحت عيني و الدماء تملأها فإذا بالرجل المخيف يخطف أكرم و الذي كان لا يتحرك كأنه لا يشعر بشئ. صرخت علي أبي بأن الرجل المخيف يخطف أكرم. خرج أبي من الصلاة و معه العديد من المصليين بينهم جارنا الدكتور إبراهيم . جري أبي ليري ما بي ، فاخبرته بشأن الرجل المخيف. حاول أبي مسح الدم و هو يحملني للحاق بالخاطف. غير أن جارنا طلب منه أن يتركني له ليسعفني و ليلحق أبي بالخاطف. كان جارنا طبيب أطفال و هو الطبيب المعالج لي و ﻷخوتي و لذلك نناديه بعمي. مسح عني الدم بمنديله ثم أخذني للصيدلية ليطهر جرحي و يضمده.في أثناء ذلك عاد أبي و هو يحمل أكرم الذي لا يصدر عنه صوتا و ناوله لعم إبراهيم. في حين كان المصليين يحملون الخاطف ككومة من الملابس المتسخة بالدم لا يستطيع الحراك، و أتصل الصيدلي بالشرطة. كنا جميعا نشعر بالفزع علي أكرم غير أن عم إبراهيم أخبرنا بأنه مخدر فقط، ثم اعطاه حقنة جعلته يفيق. حمله أبي بين ذراعيه و هو يقبله و يحمد الله علي أنه بخير، ثم حملني معه و أخذ يقبلني و يحمد الله أني بخير. و أنا و أكرم نمسك ببعضنا بقوة. أتت الشرطة التي أستمعت ﻷبي و لي و للشهود و ألقوا القبض علي الرجل المخيف و الرجل الغليظ. حملنا أبي لنعود إلي المنزل. حاول جارنا عم إبراهيم أن يحمل أحدنا غير أن أبي لم يرضي. و قال له :" لا أتحمل فراقهما ثانية. أنهما بأمان بين ذراعي"
أقتربنا من المنزل فوجدنا أمي تنتظرنا بقلق في الشرفة . ما أن رأتنا حتي جرت لتفتح الباب.
أنتظروني غدا بعد أن نطمئن أمي علينا لنقص لكم ما حدث.
#صفاء_حسين_العجماوي

عنوان الموضوع: "The third episode 10 الحلقة الثالثة عشر #صفاء_حسين_العجماوي يوميات ادم فى رمضان "
إرسال تعليق