أفقت من اغمائتي ﻷجدني بين ذراعي أمي، و وجهها القلق ينظر اليّ مرعوب، و حولها أخوتي و جدي و جدتي اما خالاتي و اولادهن و خالي فكانوا يقفون بباب الغرفة ينتظرن بقلق. حاولت ان أجلس، او أطمئنها ، فإذا بها تسقيني كوبا به ماء بالعسل اﻷبيض، حاولت الرفض فغضبت مني، فشربته و أنا حزين. بعد ما أن أنتهيت منه، قولت لها بحزن شديد:" الآن أنا أفطرت"
نظرت اليّ بحب، و قبلت وجنتي، و أخذتني بين ذراعيها. قبلني جدي و جدتي و اخذوا الجميع و رحلوا الا أن صافي و أكرم رفضا التحرك ، و أمسك كل منهم بأحدي يديّ. أرحت رأسي علي قلبي أمي ﻷستمع الي نبضاته الدافئة. قولت لها بحزن:" الآن فطرت و لم أكمل اليوم، لقد ضاع مني اليوم أمي، كنت أريد أن أكون مثلكم و مثل أبي"
قبلت أمي رأسي و قالت بحب :" حبيبي آدم، هل تظن أننا و خاصة أبوك و نحن بعمرك كنا نصوم اليوم بأكمله؟"
ألتفت لها بلهفة و كذلك أكرم و الذي كان قد فطر قبل نزولنا من المنزل ، و كان حزينا لذلك. ابتسمت أمي و أكملت :" بالطبع لا ، لم نكن نستطع صوم اليوم كله خاصة إذا كان الجو شديد الحرارة. كنا نصوم كالكبار حتي الظهر أو بعده بقليل، ثم نفطر و لكن كنا مهذبين لا نفرط في اﻷكل و لا نأكل أمام الجميع أحتراما لصائمين"
ابتسمنا و قال أكرم:" هذا يعني أننا مثلكم يا أمي؟، هذا رائع"
اما أنا فسألتها بلهفة :" و متي استطعتم صوم اليوم بأكمله أمي؟"
ضحكت و قالت :" ﻷول مرة بعمر العاشرة و لم يكن طوال الشهر فقط الإيام الغير حارة"
ابتسمت لها و قولت :" هذا رائع ، غدا سأصوم أنا الي العصر كأكرم اليوم"
ضحكت و قالت لي :" هذا إذا أصبحت معافي تماما، أما إذا ظللت متعب فلن تصوم"
قفزت من بين ذراعيها و أخبرتها أني بخير فضحكت كثيرا و قالت :" هيا بنا إذن لنساعد خالاتك بوضع طعام اﻷفطار علي المائدة ، فالمغرب قرب"
اسرعنا جميعا لنساعد في اعداد المائدة، كانت صافي مصرة علي أن تحمل طبق التمر من المطبخ الي حيث يجلس جدي، الذي أستقبلها بفرحة و أجلسها بجواره. مما جعلها تنظر لنا بفخر و عزة. أنتهينا من أعداد المائدة فقال جدي:" يا أحفادي ، أجلسوا بجواري"
فجلسنا جميعا، فسألنا :" من منكم يعرف لماذا تشعر صفاء بالفخر ﻷحضارها لي طبق التمر؟"
كان أكرم كالعادة أسرعنا، فأشار له جدي بأن يجيب و هو يبتسم له مشجعا، فبادله اكرم اﻷبتسام و قال :" قال رسول الله - صل الله عليه و سلم- من فطر مسلما فله مثل أجره دون أن ينقص ذلك من أجره شيء. صدق رسول الله - صل الله عليه و سلم-"
فرد جدي ذراعيه ﻷكرم ليندفع أكرم بين أحصانه و يقبله جدي مهنئا إياه علي سلامة حفظه. ثم ألتفت إلينا و قال :" هل تعرفون معني الحديث؟"
فرفعت يدي فأبتسم لي و هو يقول ;" أجب يا أكبر أحفادي"
ابتسمت و قولت :" هذا يعني أني سأخذ مثل ثواب الصائم دون أن ينقص ثواب الصائم نفسه، فالله كريم و من كرمه يعطيني ثواب الصوم ﻷني افطر الصائم"
قبلني جدي و قال :" أحسنت يا ولدي، فﻷننا نصوم لله ، فأن الله أكرم اﻷكرمين يجازينا خيرا من فضله بثواب الصوم نفسه" ثم ألتفت إلينا و سأل :" هل يعرف أحدكم ما هو ثواب الصائم؟"
و قبل أن يجيبه أحد أرتفع صوت المؤذن ليعلمنا بأذان المغرب و لنقبل جميعا علي اﻷفطار. سألحق بهم و غدا بأمر الله أخبركم بما حدث
#صفاء_حسين_العجماوي
عنوان الموضوع: "يوميات ادم الحلقة الرابعه بقلم / #صفاء_حسين_العجماوي The fourth"
إرسال تعليق