مارية Maria ‫#‏حنان_الشيمي‬

مارية
تخطو نحو القصر بأقدام مرتجفة بعد أن علمت أن سيدها يطلبها.
تراه غاضبًا منها! أم سعيد بجهدها واجتهادها في إرضائه!
ترى أوشى بها واش ! أم أطرى عليها أحدهم ؟
دارت الأسئلة في عقل مارية طوال طريقها .
تقدمت في تؤدة نحو الملك مشاعرها مختلطة.. جاريته هي لم تر منه إلا كل خير فقد اشتهر بعدله .
ابتسم لها الملك ابتسامة رضا فاطمأنت نفسها واستكانت روحها وهدّأت من روعها ربتة حانية منه على كتفها .
أشار إليها بيده أن تجلس وبدأ يتحدث لها
_أتعلمين يامارية أمر الرسول القادم من أرض الحجاز ؟
_نعم سيدي فالمدينة كلها تتحدث عنه .
_ومارأيك ؟
_وهل لمثلي رأي سيدي؟
_أسألك؛ فقد اعتدت منك رجاحة العقل وحسن المنطق.
_ماوردنا عنه مبشر بالخير فهو يدعو الى جميل الخصال وكريم الأخلاق
يبتسم الملك بعد أن علم رأي مارية .
وعلى أرض الاسكندرية يقرأ حاطب بن أبي بلتعة رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المقوقس عظيم القبط
تشوق الجميع لرؤية صاحب الرسالة وانبرى حاطب يحدثهم عن سماحة الاسلام فازدادوا شوقًا على شوقهم
ويكرمه المقوقس بكرم ضيافة وترحاب كبير حتى انتهى من مهمته
حمَّله الهدايا ومنها جاريتين مارية وأختها سيرين
قفز قلب مارية من مكانه هل ستذهب لرؤية النبي محمد.. هل ستكون جاريته وهى التى تتوق للحديث معه
رحبت مارية بالأمر واستعدت وأختها للرحيل
وفي الطريق ....وقف حاطبٌ يتوضأ استعدادًا للصلاة وتراقبه مارية
وهو يتلو القرآن فتقول :ماهذا الكلام الجميل؟!!
يرد حاطب :إنه القرآن.
لامس قلبها وأحست به فبدأ يشرح الآيات والمعاني ويومًا وراء يوم تدرك عظمة هذا الدين من أخلاق حاطب والتزامه وشجاعته و مُرُوءَتُهُ
فتعجبُ بهذا الدين ويستوطن قلبها حبه
تسلم مارية وأختها سيرين قبل أن تصلا الى مدينة رسول الله
الذى تعلق قلبها به قبل أن تراه وتمنت أن تعيش في كنفه
وصل الركب واجتمع أهل المدينة ليروا هدايا المقوقس
يكرم النبي مارية ويجلسها بجواره ويبدأ يسألها
من أين أنت يا مارية؟
_من قرية (جفن) على الضفة الشرقية للنيل
(وهى الان قرية دير مواس بمحافظة المنيا بصعيد مصر)
كنت جارية لدى المقوقس عظيم القبط
لم يستطع الزواج منها، فقد حرم عليه الزواج بعد السيدة ميمونة بنت الحارث، قال تعالى.
لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا (52
كانت جارية تحمل صفات الأميرات وسلوك الملكات وأخلاق العفيفات
أمَة يستمتع بها النبي بملك اليمين
بلغ من قدرها ومقدارها أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بها وبأهل مصر خيرًا فقال
(إذا فتحتم مصر فأحسنوا الى أهلها فإن لهم ذمةً ورحما)
وتمر الأيام وتأتى البشرى إلى الحبيب حملت مارية فرقصت المدينة فرحًا وسر رسول الله أيما سرور أما هي فطارت من الفرحة إنها تحمل قطعة من خير البشر أي سعادة يا مارية منحها لكِ المولى عز وجل بل أي تشريف وتكريم
وفى ذي الحجة فى السنة الثامنة من الهجرة ولدت مارية مولودا سماه النبي( إبراهيم ). تيمنا بخليل الله ابراهيم
ويمرُّ النبي كل يوم على بيت مارية يطمئن عليها وعلى ابراهيم يأنس به وتقر عينه بولده وقطعة فؤاده
ولكن السعادة لا تدوم طويلًا
فحين أتم ابراهيم ستة عشر شهرًا توفاه الله
ترك قلب أمه مفطورًا وقلب الحبيب حزينًا
دمعت عيناه يبكي صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله.. فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.. رواه البخاري وروى مسلم بعضه
حزنت مارية لفراق وليدها ولكن النبي كان رحيمًا بها مواسيا لها
فلم ينقطع عنها وعن السؤال عنها
وبعد عام مات الحبيب صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول فى السنة الحادية عشرة من الهجرة
زاد حزن مارية التى فقدت الولد والزوج والحبيب
فلزمت بيتها معتكفةً عابدةً لله حتى لحقت بالرفيق الأعلى فى خلافة عمر بن الخطاب فى السنة السادسة عشرة من الهحرة
دفنت بالبقيع وصلى عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
وحينما تم فتح مصر على يد عمرو بن العاص كان رحيمًا بأهلها تنفيذًا لوصية رسول الله
ذهب عبادة بن الصامت الى قرية ماريةفى صعيد مصر يبحث عن أهلها ومكان بيتها حتى وجده فأقام مسجدًا هناك سماه باسمها إكرامًا لها رضي الله عنها وأرضاها

عنوان الموضوع: "مارية Maria ‫#‏حنان_الشيمي‬"

إرسال تعليق

الاعضاء